التعزيز الإيجابي Positive reinforcement هو أحد اللبنات الأساسية للعلاج في تحليل السلوك التطبيقي (ABA)، إذ يشكل التعزيز الإيجابي سلوكياتنا اليومية في كثير من الأحيان دون التفكير كثيرًا في المبادئ السلوكية المؤثرة.
كما أنه مبدأ تربوي فعال يستخدم في نطاقات واسعة من السياقات الحياتية، مثل البيت، المدرسة، البيئات العلاجية..إلخ، مما يعزز الميول الطبيعي نحو السلوك الجيد لدى الفرد الذي تعمل على تدريبه.
لذا إن كنت تسعى إلى تحسين تواصل طفلك أو سلوكياته الاجتماعية أو التكيفية، فإن زيادة التعزيز الإيجابي يعد نقطة انطلاق ممتازة.
التعزيز الإيجابي هو مبدأ ينص على أن سلوك ما يتبعه معزز ما فإن ذلك السلوك سيزيد في المستقبل وبكلمات أخرى فإن "الحصول على المعزز بعد سلوك ما سوف يزيد من السلوك في المستقبل في نفس السياق الذي تم فيه التعزيز أو سياق مشابه لذلك السياق" مما يؤدي إلى زيادة احتمالية السلوك في المستقبل.
على سبيل المثال: يرى الطفل الحلوى في البقالة فيبكي ليحصل على الحلوى لأنه عندما بكى في المرة السابقة حصل على الحلوى، وبالنظر الى التعريف الأساسي للتعزيز الايجابي فإننا نستطيع أن نحلل هذا التعريف كما يلي:
كذلك فإن أي زيادة في السلوك هي تعزيز وإن كانت تبدو أنها عقاب. فمثلا قد يوبخ المعلم أحد الطلاب لأنه قام بسلوك غير مرغوب، ورغم أن التوبيخ يعتبر عقابًا إلا أنه قد يكون معززا إذا نتج عنه زيادة في ذلك السلوك.
ينسب مفهوم التعزيز الإيجابي إلى عالم النفس السلوكي بي إف سكينر، كجزء من عمله خلال ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين، حيث فكر في الطرق التي يمكن من خلالها تغيير السلوك من خلال معاملة شخص ما بشكل مختلف بناء على ما فعله، وتعرف هذه الفكرة بالإشراط الإجرائي ويعتمد على افتراض الدراسة أن سبب السلوك وعواقبه هي أفضل طريقة لفهمه وتنظيمه، ونشأت هذه من "قانون التأثير" لثورندايك الذي ينص على أن السلوك الذي تتبعه عواقب سارة أو مرغوبة من المرجح أن يتكرر، في حين أن السلوك الذي تتبعه عواقب غير مرغوب فيها من غير المرجح أن يتكرر (McLeod,2018).
أمثلة على التعزيز الإيجابي
من الأمثلة على التعزيز الإيجابي في العمل، كما يلي:
- الثناء: بعد أن إنجاز مهمة معينة ، يقول لك المدير "عمل رائع!"
- المكافآت المالية.
- مكافآت أخرى: إجازة مقابل عملك.
في كل موقف سبق، يكون التعزيز بمثابة معزز إضافي يحدث بعد السلوك مما يزيد من احتمال حدوث السلوك مرة أخرى في المستقبل.
أنواع التعزيز الإيجابي
هناك العديد من أنواع المعززات المختلفة التي يمكن استخدامها لزيادة السلوكيات، ولكن من المهم ملاحظة أن نوع المعزز المستخدم يجب أن يكون مناسبًا للفرد والموقف.
المعززات الطبيعية تحدث مباشرة نتيجة للسلوك. على سبيل المثال، يدرس الطالب بجد، وينتبه في الفصل، ويقوم بواجباته المدرسية. ونتيجة لذلك، يحصل على درجات ممتازة.
تتضمن المعززات الاجتماعية التعبير عن الموافقة على السلوك، مثل قول أو كتابة المعلم أو أحد الوالدين أو صاحب العمل، "عمل جيد" أو "عمل ممتاز".
تتضمن التعزيزات الملموسة تقديم مكافآت فعلية ومادية مثل الحلوى والحلويات والألعاب والمال وغيرها من الأشياء المرغوبة. في حين أن هذه الأنواع من المكافآت يمكن أن تكون معززة بقوة، إلا أنها يجب أن تستخدم باعتدال وبحذر
معززات رمزية:هي نقاط أو رموز مميزة يتم منحها لتنفيذ إجراءات معينة، يمكن بعد ذلك استبدال هذه الرموز بشيء ذي قيمة.
في حين أن النجوم الذهبية والرموز قد تكون بمثابة تعزيز فعال للغاية لطالب الصف الثاني، إلا أنها لن يكون لها نفس التأثير على طالب في المرحلة الثانوية أو الجامعية.
مراعاة توقيت التعزيز
- يكون التعزيز الإيجابي أكثر فعالية عندما يحدث مباشرة بعد السلوك. ويجب تقديم التعزيز بحماس ويجب أن يحدث بشكل متكرر.
- تقديم التعزيز بسرعة، إن الوقت الأقصر بين السلوك والتعزيز الإيجابي يجعل العلاقة أقوى.
- الانتظار قد يساهم بتعزيز السلوكيات الخاطئة، كلما زاد الوقت، زاد احتمال تعزيز سلوكيات دخيلة أو أخرى عن طريق الخطأ.
استخدم جدولة التعزيز بمنهجية
بالإضافة إلى توقيت ونوع التعزيز المستخدم، يمكن أن تلعب جدولة التعزيز أيضًا دورًا ويكون لها تأثير قوي على مدى قوة الاستجابة وعدد مرات حدوثها.
عندما تقوم بتدريب سلوك جديد لأول مرة، فمن المحتمل أن تستخدم جدول التعزيز المستمر حيث تقدم تعزيزًا إيجابيًا في كل مرة يحدث فيها السلوك. بمجرد اكتساب المهارة السلوكية، يمكنك بعد ذلك الانتقال إلى جدولة تعزيز متقطع أو النسبة.
يمكن أن يساهم التعزيز الإيجابي في بعض الأحيان في سلوكيات غير مرغوب فيها،عند استخدامه بشكل غير صحيح،ويمكن أن يؤدي إلى اقتران خاطئة.
على سبيل المثال، عندما يسيء الطفل التصرف في أحد المتاجر، قد يمنحه بعض الآباء اهتمامًا وانتباهًا إضافيًا أو حتى يشترون له لعبة في محاولة لوقف هذا السلوك. يتعلم الأطفال بسرعة أنه من خلال التمثيل، يمكنهم جذب انتباه والديهم أو حتى الحصول على الأشياء التي يريدونها. وبالتالي يقوم الآباء بتعزيز السلوك السلبي .
الحل الأفضل هو استخدام التعزيز الإيجابي عندما يظهر الطفل سلوكًا جيدًا، بدلاً من مكافأة سلوك الطفل السلبي، مثل: الثناء أو الحلوى أو حتى لعبة.
التعزيز الإيجابي ووسائل التواصل الاجتماعي
ارتفع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وقد يكون التعزيز الإيجابي أحد أسباب ذلك، حيث تستفيد منصات مثل Facebook ,Twitter,Instagram من الإعجابات والمتابعين وهذا شكل آخر من أشكال التعزيز الإيجابي للحفاظ على تفاعل المستخدمين.
على سبيل المثال، من المرجح أن يتلقى الشخص الذي ينشر صورة على Instagram على إعجابات من أصدقائه ومتابعيه، وهذا بدوره يشجع ذلك الشخص على الاستمرار في نشر الصور، حيث تم تعزيزه بشكل إيجابي للقيام بذلك.
وبالمثل، فإن الشخص الذي يغرد كثيرًا ويتلقى الكثير من الردود وإعادة التغريد من المرجح أن يستمر في التغريد، حيث يتم تعزيز سلوكه.
من المهم أن نلاحظ ليست كل منصات التواصل الاجتماعي تستخدم التعزيز الإيجابي بنفس الطريقة. تستخدم العديد من منصات التواصل الاجتماعي التقليدية، مثل Instagram وFacebook، نظام الإعجابات لمكافأة المستخدمين على إنشاء المنشورات.
ومع ذلك، لا يستخدم Snapchat الإعجابات أو المتابعين كشكل من أشكال التعزيز الإيجابي. وبدلاً من ذلك، يستخدم التطبيق عدداً من Streaks، أي عدد الأيام المتتالية التي قام فيها شخصان بتبادل الرسائل على Snapchat مع بعضهما البعض. وهذا يشجع المستخدمين على استخدام Snapchat لبعضهم البعض بشكل متكرر من أجل الحفاظ على Streaks (أكرمان، 2022).
على الجانب الإيجابي، يُنظر إلى التعزيز الإيجابي على أنه أبسط من طرق التدريب الأخرى، لأنه لا يتضمن حرمان المكافآت أو إدخال عواقب سلبية على السلوك غير المرغوب فيه.
وقد يؤدي ذلك إلى تحسين الروح المعنوية والدافعية لدى المتعلم (Kamery, 2004). وبشكل عام، يتفق العلماء على أن تشجيع السلوكيات أسهل من تثبيطها، مما يعني أن التعزيز غالبًا ما يكون أداة أقوى من العقاب.
هل التعزيز الإيجابي يشبه الرشوة؟
تذكر! أن التعزيز يتم التخطيط له مسبقًا كما يضمن حدوث تغيير دائم في السلوك مع احتمالية تكراره مستقبلا. وسيظل الشخص البالغ هو المسؤول. في حين أن الرشوة هي تفاوض قبل السلوك أو أثناء حدوث سلوك صعب، كما أن السلوك يتوقف في الوقت الحالي، مع عدم الاستمرار في المهام مع مرور الوقت، كما أنه يمنح طفلك القدرة على التفاوض ويجعل الامتثال واتباع التعليمات خيارًا.
وأخيرًا تتأثر الطريقة التي نتعلم بها السلوكيات الجديدة بشدة بالتعزيز الإيجابي، ويعد التعزيز الإيجابي عنصرًا حاسمًا في تطوير المهارات اللازمة للتواصل والتفاعل مع الآخرين.
لاتوجد تعليقات