المشي على أطراف الأصابع (Tiptoe walking)، والمعروف أيضًا باسم المشي على رؤوس الأصابع toe walking، هو نمط مشي يعتمد فيه الطفل بشكل أساسي على مقدمة قدميه، مع تلامس ضئيل أو معدوم بين كعبيه والأرض. يُعرف هذا النمط أحيانًا بالمشي الحسي أو المشي غير النمطي، ويُصنف ضمن اضطرابات المشي عند الأطفال.
في حين يُمكن ملاحظة المشي على أطراف الأصابع لدى الأطفال ذوي النمو التطورية النمائي الطبيعي كجزء من الاستكشاف واللعب، إلا أنه أكثر شيوعًا بشكل ملحوظ لدى المصابين باضطراب طيف التوحد (Autism Spectrum Disorder- ASD). وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 30% من الأطفال المصابين بالتوحد يمارسون المشي على أطراف الأصابع، مما يثير تساؤلات لدى الآباء ومقدمي الرعاية حول متى يكون هذا السلوك طبيعيًا ومتى يتطلب تقييمًا متخصصًا؟
إن فهم تعقيدات التوحد والمشي على أطراف الأصابع أمر أساسي للآباء، مقدمي الرعاية، المعالجين، والمعلمين. من خلال اكتساب المعرفة حول هذه السلوكيات واستراتيجيات علاج المشي على رؤوس الأصابع، يمكننا دعم وتمكين الأفراد المصابين بالتوحد بشكل أفضل لينجحوا في حياتهم اليومية.
يختلف المشي على أطراف الأصابع عن نمط المشي الطبيعي الذي يبدأ بملامسة الكعب للأرض، ويُصنف هذا السلوك، الذي يُعد أحد اضطرابات المشي عند الأطفال، إلى نوعين رئيسيين لتحديد الحاجة إلى التدخل:
1- المشي الاعتيادي أو مجهول السبب (Habitual/Idiopathic Tiptoe Walking):
2- المشي المصحوب بأعراض (Symptomatic Tiptoe Walking):
يرتبط المشي على أطراف الأصابع بأعراض اضطرابات عصبية أو عضلية أو نمائية كامنة، يحدث هذا النوع كعرض لحالة مرضية أو اضطراب مسبب، غالبًا ما تتضمن:
يتطلب معالجة السبب الجذري من خلال تدخلات مبكرة، مثل: العلاج الطبيعي، أو الدعامات التقويمية، أو التقييم الطبي لتحسين القدرة على الحركة وجودة الحياة بشكل عام.
لماذا يمشي الأطفال المصابون بالتوحد على أطراف أصابعهم؟
يُلاحظ المشي على أطراف الأصابع بشكل أكثر شيوعًا لدى الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد. تشير الأبحاث إلى أن حوالي 9% من الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد يُشخصون بالمشي المستمر على أطراف الأصابع، بينما تُلاحظ هذه السلوكيات لدى أقل من 0.5% من الأطفال غير المُشخصين بالتوحد. و دراسة أخرى أن 6.3% من الأطفال المصابين بالتوحد يُظهرون المشي المستمر على أطراف الأصابع. هذه الإحصائيات تؤكد الارتباط الملحوظ بين التوحد والمشي على رؤوس الأصابع.
فهم أسباب المشي على أطراف الأصابع لدى التوحد أمر أساسي لمعالجة هذا السلوك بفعالية وتقديم الدعم المناسب. قد يكون المشي غير النمطي لديهم نتيجةً لعوامل متعددة، منها:
1. اختلافات المعالجة الحسية (المشي الحسي):
2. صعوبات التنسيق الحركي:
يقدم شخص بالغ مصاب بالتوحد منظورًا قيّمًا، حيث استمر في المشي على أطراف الأصابع لتجنب الأحاسيس غير المريحة (مثل: صوت ضربات الكعب المزعج، الاهتزازات المفرطة، أو تأثير "اهتزاز الكاميرا" الذي يسببه المشي بقوة على الكعب). يقترح حلولًا عملية مثل: ارتداء جوارب سميكة أو نعال مخملية (أحذية منزلية مريحة وناعمة ذات تبطين إضافي)، ويحذر من التركيز المفرط على "التخلص" من هذا السلوك، مؤكدًا على أهمية فهم التجارب الحسية والعاطفية للفرد.
بالإضافة إلى العلاقة بالتوحد، يمكن أن يكون المشي غير النمطي ناتجًا عن:
يُعدّ التعرّف على المشي غير النمطي لدى الأطفال خطوةً مهمةً لفهم أنماط حركتهم الفردية وكيف تختلف عن نمط المشي الطبيعي.
علامات تحذيرية يجب الانتباه لها:
المشي على أطراف الأصابع شائع لدى الأطفال دون سن الثانية، ولكنه عادةً ما يزول في عمر 3-4 سنوات.أما المشي المستمر على أطراف الأصابع بعد سن 4-5 سنوات، خاصةً إذا أصبح نمطًا دائمًا أو أثر بشكل كبير على الأنشطة اليومية، فقد يكون ذلك علامة على وجود حالة مرضية كامنة، مثل: التوحد أو حالة أخرى.
علامات أخرى مصاحبة للقلق:
إذا كان المشي على أطراف الأصابع مصحوبًا بتأخر في المهارات الحركية (مثل صعوبة الجري أو القفز)، أو الكلام (تأخر في التعبير أو الفهم)، أو المهارات الاجتماعية (مثل: صعوبة التواصل البصري، اللعب التكراري، عدم الاستجابة للاسم)، أو أنماط سلوكية أخرى تختلف عن مراحل النمو الطبيعية (مثل: الحركات المتكررة أو الحساسية المفرطة)، فقد يشير ذلك إلى مشكلة نمو أوسع، مما يستدعي استشارة طبيب مختص.
يمكن للأهل طرح هذه الأسئلة على أنفسهم لمراقبة سلوك الطفل:
-هل يقتصر المشي على أطراف الأصابع على أسطح معينة (مثل السجاد أو الأرضيات الصلبة أو الباردة)؟
- هل يمكن لطفلي أن يمشي على كعبيه عندما أطلب منه ذلك، وهل يفعل ذلك بإرادته؟
- هل هناك أي تأخر آخر في مهارات التواصل، المهارات الحركية الإجمالية أو الدقيقة، أو اللعب؟
- هل يبدو أن طفلي يتجنب بعض الملامس، الأصوات العالية، أو الأضواء الساطعة؟
- هل يظهر طفلي حركات جسدية متكررة أو اهتمامات مقيدة؟
أطباء الأطفال: هم جهة الاتصال الأولى لإجراء تقييم عام واستبعاد المشاكل الجسدية الشائعة.
اختصاصي النمو: خبراء في تقييم وتشخيص تأخر أو اضطرابات النمو، مثل: التوحد، متلازمة أسبيرجر، متلازمة ريت، أو اضطرابات أخرى.
يبدأ أطباء الأطفال بملاحظة دقيقة لأنماط مشي الطفل ونموه العام، إلى جانب فحوصات نمو معيارية. في حال الاشتباه في الإصابة بالتوحد أو اضطرابات نمائية أخرى، قد تُجرى تقييمات إضافية، مثل: قائمة التحقق المعدلة للتوحد لدى الأطفال الصغار (M-CHAT) أو تقييمات تشخيصية أكثر شمولًا. ما الفرق بين المشي على أطراف الأصابع بسبب التوحد وأسبابه العضوية؟
يكمن الفرق غالبًا في وجود أعراض أخرى مصاحبة للتوحد (حسية، اجتماعية، سلوكية، تواصلية) وقد لا تكون هناك قيود جسدية واضحة في بداية الأمر.أما الأسباب العضوية، فترتبط غالبًا بمشاكل جسدية، مثل: قصر وتر العرقوب أو اضطرابات عصبية عضلية يمكن تشخيصها بفحوصات سريرية دقيقة واختبارات تصويرية (مثل: الأشعة السينية أو الرنين المغناطيسي).
عند معالجة المشي على أطراف الأصابع لدى الأطفال المصابين بالتوحد، من المهم طلب تقييم مهني متخصص والنظر في تدخلات العلاج المناسبة. يساعد التشخيص والتدخل المبكران، ضمن برامج التدخل المبكر، في فهم الأسباب الكامنة وتطوير استراتيجيات فعالة.
1. طلب تقييم مهني:
2- تدخلات العلاج الوظيفي (Occupational Therapy - OT):
يلعب العلاج الوظيفي دورًا مهمًا في معالجة المشي على مقدمة القدمين لدى الأطفال المصابين بالتوحد، ويهدف إلى تعزيز قدرتهم على أداء الأنشطة اليومية واستقلاليتهم.
- تقنيات التكامل الحسي: يستخدم اختصاصي العلاج الوظيفي تقنيات لمساعدة الأطفال على معالجة المعلومات الحسية بفعالية. قد تشمل:
- تمارين التقوية والتمدد: يصف اختصاصي العلاج الوظيفي تمارين تستهدف عضلات أسفل الساق لتقوية وتمديد العضلات، مما يحسن القوة، المرونة، والتوازن، قد تتضمن:
يمكنك مشاهدة الفيديو كمثال:
- اعتبارات الأحذية (أنواع الأحذية الطبية): يقدم اختصاصيو العلاج المهني إرشادات حول الأحذية المناسبة التي توفر الدعم والثبات لمحاذاة القدمين بشكل صحيح وتعزيز نمط المشي من الكعب إلى أصابع القدم، مثل:
3. العلاجات المحافظة الإضافية:
4. التدخلات السلوكية (خاصة بالتوحد):
تحليل السلوك التطبيقي (Applied Behavior Analysis-ABA): يركز على فهم السلوكيات وتعديلها من خلال التعزيز الإيجابي وإزالة التحسس التدريجي لتشجيع المشي بالكعب على الأرض، ضمن برامج التدخل المبكر التي تقدمها مراكز علاجية متخصصة، مثل: ABA Center
5. الحلول الطبية أو الجراحية:
قد يتطلب المشي المستمر على أصابع القدم والذي لا يستجيب للعلاج تدخلاً طبياً.متى يجب اللجوء للجراحة؟ يُعتبر اللجوء إلى الجراحة عادةً الملاذ الأخير بعد تجربة العلاجات المحافظة (مثل: العلاج الطبيعي والدعامات التقويمية) وفشلها لمدة 6-12 شهرًا، وعندما يكون المشي على أطراف الأصابع يؤثر بشكل كبير على الحركة، أو يسبب ألمًا، أو ينتج عنه قصر دائم في وتر العرقوب الذي لا يمكن تصحيحه بالوسائل غير الجراحية.
1- تشجيع مراحل النمو الرئيسية:
شارك طفلك في اللعب النشط مثل: التسلق، القفز، أو اللعب بألواح التوازن لبناء القوة والتنسيق. قدم ألعابًا تتضمن دفع الأشياء الثقيلة (مثل :عربة التسوق أو الأثاث الخفيف)، أو الزحف عبر الأنفاق، أو المشي على أسطح غير مستوية (مثل: الوسائد أو الحصائر الحسية) لتعزيز الوعي الجسدي والحسي.
2- خلق بيئة شاملة (كيف يتعامل المعلمون مع الطفل في المدرسة؟):
3- تجارب المعلمين:
يروي بعض المعلمين أن دمج الأنشطة الحسية في الروتين اليومي ساعد الأطفال على تقليل المشي على أطراف الأصابع وزيادة التركيز في الصف. ناقش ملاحظاتك مع فريق العلاج لوضع استراتيجيات متكاملة في المنزل والمدرسة.
4- تجنب الحكم أو الضغط:
تجنب إجبار الطفل على "المشي النمائي الطبيعي"، وقدم له دعمًا إيجابيًا للإنجازات الصغيرة واحتفل بتقدمه بوتيرته الخاصة.
5- استراتيجيات دمج الطفل في الأنشطة الاجتماعية:
تشجيع الأنشطة الجماعية التي لا تفرض نمط مشي معين، والتركيز على نقاط قوة الطفل، وتثقيف الأقران والمعلمين لتعزيز بيئة داعمة ومتقبلة. يمكن استخدام القصص الاجتماعية لتعليم الأطفال طرق اللعب والتفاعل المناسبة.
التعامل مع سلوك الطفل يجب أن يكون من خلال فهم الأسباب الكامنة بدلاً من التركيز على التخلص من السلوك فقط. إذا كان المشي على أطراف الأصابع لا يؤثر سلبًا على الطفل (مثل: قصر وتر أخيل)، فقد لا يتطلب تدخلًا إذا كان الطفل قادرًا على المشي والجري واللعب كأي طفل آخر في عمره. الأهم هو جودة الحياة والوظيفة الكلية للطفل.
العلاقة بين المشي على أطراف الأصابع والتوحد معقدة ومتعددة الجوانب، وغالبًا ما تتأثر بعوامل حسية وحركية وسلوكية. ورغم أن المشي على رؤوس الأصابع أو المشي غير النمطي قد يكون علامة على التوحد أو غيره من اضطرابات النمو، إلا أنه ليس علامة قاطعة بحد ذاته، ويجب تقييمه في سياق نمو الطفل بشكل عام.
يلعب التدخل المبكر دورًا حاسمًا في معالجة المشي على رؤوس الأصابع وأسبابه الكامنة المحتملة. يمكن لطلب التوجيه المهني من أطباء الأطفال، أو المعالجين (في مراكز علاجية متخصصة، مثل: VBA Center، أو المتخصصين أن يساعد في تحديد العوامل المساهمة ووضع استراتيجيات فردية لدعم نمو الطفل.
على الآباء ومقدمي الرعاية أن يتذكروا أن كل طفل حالة فردية، وأن التقدم يتطلب وقتًا، إن توفير بيئة داعمة خالية من الأحكام، إلى جانب المساعدة المهنية، يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في رحلة الطفل.
هل تبحث عن المزيد من الدعم؟ لا تتردد في استشارة مختص لتقييم طفلك ووضع خطة علاج مناسبة. كما يمكنك التواصل مع جمعيات دعم أسر التوحد في منطقتك للحصول على الموارد والتوجيه والدعم. وبالصبر والتفهم والتشجيع، يمكن للعائلات أن تشعر بالثقة في مساعدة أطفالهم على تحقيق كامل إمكاناتهم. ابدأ بخطوات بسيطة اليوم نحو مستقبل أفضل لطفلك!
1- ما أسباب المشي على أطراف الأصابع عند الأطفال؟
2- في أي عمر يُثير المشي على أصابع القدم القلق؟
3-هل المشي على أطراف الأصابع مدعاة للقلق دائمًا؟
4-كيف يتم تشخيص المشي على أصابع القدم؟
5- ما هو المشي مجهول السبب إصبع القدم (ITW)؟
6-ما هي العلاجات المحافظة للمشي على أصابع القدم؟
7-ما المقصود بإطالة وتر أخيل (ATL)؟
8-ما هي مدة التعافي من جراحة إطالة وتر أخيل؟
9-ما هي نسبة نجاح علاج المشي على أصابع القدم؟
10-هل يمكن أن يختفي المشي على أطراف الأصابع مع الوقت؟
11-ما الفرق بين المشي على أطراف الأصابع بسبب التوحد وأسبابه العضوية؟
12-هل هناك تمارين منزلية فعالة؟
13- متى يجب اللجوء للجراحة؟
المصادر:
لاتوجد تعليقات