استراتيجيات لتنمية مهارات الانتقال بين الأنشطة بنجاح (Transitional skills)

المهارات الانتقالية (Transition Skills) تنقلات تحدث بشكل طبيعي ومتكرر من نشاط إلى آخر ومن مكان إلى آخر على مدار اليوم سواء في المنزل أو المدرسة أو في مكان العمل، وتتطلب من الأفراد سواء أطفال أو بالغين إيقاف نشاط ما والانتقال للبدء بشيء جديد، على سبيل المثال: 

  • عندما يتوقف الطفل عن اللعب من أجل الاستحمام.
  • عندما يغادر الطفل المنزل والصعود إلى الحافلة المدرسية.
  • عند الانتهاء من وجبة الطعام ثم تفريش الأسنان.
  • عند التوقف عن اللعب بألعاب الفيديو والذهاب إلى الفراش.
  • عند الانتقال من جلسة علاجية إلى أخرى، وأثناء الجلسة عند الانتقال من هدف إلى هدف آخر.

وبالتالي قد يواجه الأفراد المصابون باضطرابات طيف التوحد (ASD) وذوي الاضطرابات التطورية الأخرى صعوبة أكبر في تحويل الانتباه من مهمة إلى أخرى أو أثناء التغييرات الروتينية؛ مما يؤدي إلى الارتباك والإحباط و /أو مشاكل سلوكية.

قد يكون السبب في ذلك الحاجة الأكبر إلى القدرة على التنبؤ، والتحديات في فهم النشاط الذي سيأتي بعد ذلك أو بسبب النمطية في السلوك. وبناء على ذلك تم تصميم عدد من أشكال الدعم لمساعدة الأفراد المصابين بالتوحد أثناء المراحل الانتقالية وإعدادهم قبل حدوث الانتقال ودعمهم أثناء الانتقال من خلال استراتيجيات الانتقال. 

- دعنا نتعرف أكثر عن هذا الموضوع، وما المقصود باستراتيجيات الانتقال؟

استراتيجيات الانتقال (Transition Strategies) تقنيات تعد من التدخلات القبلية من خلال التلاعب بالسوابق (Antecedent manipulation) تستخدم لدعم الأفراد المصابين بالتوحد وذوي الاضطرابات التطورية أثناء التغييرات في الأنشطة أو البيئات أو الإجراءات الروتينية. ويمكن استخدام التقنيات قبل حدوث الانتقال و/ أو أثناء الانتقال و/ أو بعد الانتقال، ويمكن تقديمها لفظيًا أو سمعيًا أو بصريًا. وتهدف هذه الاستراتيجيات إلى زيادة القدرة على التنبؤ عند الأفراد من ذوي طيف التوحد وبناء إجراءات إيجابية حول التحولات الانتقالية.

- لماذا نستخدم استراتيجيات الانتقال؟

قد يكون ذلك بسبب مشاكل في فهم التعليمات اللفظية أو التفسيرات التي يقدمها المعلم أو الوالدين، مثلًا: عندما يعلن المعلم عن انتهاء نشاط ما ويقدم تعليمات متعددة الخطوات تتعلق بالأنشطة القادمة، هنا قد لا يدرك الفرد كل المعلومات اللفظية، وبالتالي قد تؤثر صعوبة تسلسل المعلومات والتعرف على العلاقة بين خطوات النشاط على قدرة الفرد على الانتقال. كما لا يدركون المعاني المجازية من الإشارات التي تؤدي إلى الانتقال (على سبيل المثال، يقوم الطلاب بحزم حقائبهم، والمعلم يختتم الجلسة دلالة على الانتهاء) وبالتالي لا يكونوا مستعدين عندما يحين وقت الانتقال.

بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يكون لدى الأفراد المصابين بالتوحد أنماط سلوكية مقيدة (وفقًا لمعايير التشخيص) تخلق عندهم صعوبة في أوقات الانتقال. وقد يعاني الأفراد المصابون بالتوحد من مستويات قلق أكبر يمكن أن تؤثر على سلوكهم  لعدم القدرة على التنبؤ والتوقع. وقد يكون النشاط الجاري (القائم في ذلك الوقت) أكثر تعزيزًا للفرد من النشاط الذي سينتقل إليه مما يستدعي من الفرد سلوكيات يعبر بها عن عدم رغبته في بدء نشاط أو عدم الرغبة في إنهاء نشاط آخر. وأيضًا قد يكون الانتباه الذي يتلقاه الفرد أثناء العملية الانتقالية تعزيزًا أو يحافظ على السلوك الصعب.

-استراتيجيات الاستعداد للانتقال:

- المؤقت المرئي (Visual Timer):

يفيد  لمعرفة مقدار الوقت المتبقي في نشاط ما قبل توقع انتقالهم إلى موقع أو حدث جديد. كما تعلم أن المفاهيم المتعلقة بالوقت مجردة إلى حد ما (أي "لديك بضع دقائق")، وغالبًا لا يمكن تفسيرها حرفيًا (أي "ثانية واحدة فقط" أو "نحتاج دقيقة واحدة للانتقال..") ، وبالتالي يمكن أن يساعد تقديم المعلومات المتعلقة بالوقت بصريًا في جعل المفاهيم أكثر وضوحًا بالأخص إذا تم استخدام مؤقت كما في الصورة أدناه؛ لأنه يعرض مقطعًا باللون الأحمر يشير إلى الوقت المخصص،ويختفي القسم الأحمر مع نفاد الوقت المخصص.

على سبيل المثال: تتوقع من الطالب أن يحل واجباته خلال 15 دقيقة ويضبط المؤقت لمدة 15 دقيقة بالضبط، وكل خمس دقائق يمكن للمعلم أو الوالدين تذكيره بالوقت المتبقي، كما يمكن تذكيره بأنه لم يبق سوى دقيقة واحدة كما يظهر في المؤقت المرئي وبمجرد أن يرن الؤقت سيرتب الطفل مكانه ثم الانتقال إلى غرفة الطعام.

المؤقت المرئي (Visual Timer)- ABA  Resources

- العد التنازلي المرئي (Visual Countdown):

يسمح العد التنازلي المرئي للفرد "برؤية" مقدار الوقت المتبقي في النشاط (هي ليست وحدات زمنية محددة بل تمثل فترات تقريبية يحددها المعلم)، وبالتالي يختلف العد التنازلي عن المؤقت المرئي بأنه لا توجد مدة زمنية محددة، هذه الأداة مفيدة إذا كان توقيت الانتقال يحتاج إلى المرونة، ويحتاج أعضاء الفريق الذين يقررون استخدام هذه الإستراتيجية إلى إنشاء أداة للعد التنازلي، على شكل مربعات يمكن ترقيمها أو تلوينها، كما هو مستخدم في الصور أدناه، أو أي شكل أو نمط ذي معنى بالنسبة للفرد. ومع اقتراب الانتقال ينزع أحد أعضاء الفريق العنصر العلوي (أي الرقم 5) حتى يتمكن الفرد من رؤية أن المتبقية (4) عناصر فقط. ويقرر عضو الفريق مدى سرعة أو بطء إزالة العناصر المتبقية اعتمادًا على وقت حدوث الانتقال، قد تنقضي دقيقتان بين إزالة الرقم 3 والرقم 2 ، بينما قد ينقضي وقت أطول قبل إزالة الرقم النهائي. بمجرد إزالة العنصر الأخير، قل: "انتهى (النشاط) ويتعلم الفرد بذلك أن وقت الانتقال قد حان.

إذا شعر الطالب بالإحباط بسبب نشاط ما، فيمكنك إزالة العناصر المرئية من العد التنازلي بسرعة أكبر وذلك يساعد في الحفاظ على الزخم السلوكي، أما للإطالة في نشاط ما، قم بإزالة العناصر المرئية بشكل أبطأ، ويمكنك تدريب الطفل على هذه  الأداة مسبقًا.

العد التنازلي المرئي (Visual Countdown) - ABA Resources

- عناصر الجداول المرئية (Elements of Visual Schedules):

توفر الجداول المرئية (المعروفة أيضًا باسم الجداول الزمنية المرئية) معلومات مرئية (أشياء حقيقية أو صور فوتوغرافية أو صور أو كلمات) حول الأحداث المخطط لها.ويمكن أن يساعد الاستخدام المتسق للجداول الزمنية المرئية مع الأفراد المصابين بالتوحد في نجاح عملية الانتقال، وذلك لأنها تسمح لهم بمشاهدة النشاط القادم والمرتقب، كما تساعد في تقليل وقت الانتقال وتقليل السلوكيات الصعبة وزيادة استقلالية الطلاب أثناء عمليات الانتقال.

- استخدام الصور أو الأيقونات أو الكلمات (Use of Photos, Icons, or Words):  

أشارت الأبحاث إلى أن استخدام الإشارات المرئية والتي يمكن أن تكون على شكل رسومات أو إشارات ذات خطوط سوداء أو كلمات مكتوبة أثناء الانتقال يمكن أن تقلل من السلوك الصعب وتزيد من متطلبات الانتقال (Schmit، Alper، Raschke، & Ryndak، 2000). في إحدى الدراسات ، تم استخدام إشارات الصور مع صبي صغير من ذوي طيف التوحد أثناء الانتقال من نشاط الفصل الدراسي إلى آخر، ومن الملعب إلى داخل الفصل، ومن غرفة داخل المدرسة إلى أخرى (شميت وآخرون ، 2000). في أوقات الانتقال تم تقديم صورة للموقع الذي سيذهب إليه، مما سمح له ذلك بمعرفة إلى أين كان من المتوقع أن يذهب مع إمكانية التنبؤ بما سيحدث في يومه، من خلال اصطحابه للإشارات المرئية معه والرجوع باستمرار إلى المعلومات حول المكان الذي يتجه إليه أثناء حدوث الانتقال.

بمجرد الوصول إلى الوجهة، ضع في اعتبارك إنشاء «بقعة» مخصصة للفرد لوضع المعلومات فيها، مثل مظروف أو صندوق صغير؛ يشير هذا على أنه قد وصل إلى المكان الصحيح.

ويكون تسلسل المعلومات على النحو الآتي: "أولاً ثم بعد ذلك"- "First and Then"، حيث يمكن للأفراد رؤية النشاط الذي يكملونه حاليًا، والنشاط الذي سيحدث بعد ذلك. كما قد يساعد هذا الفرد في الانتقال إلى موقع غير مفضل إذا كان قادرًا على رؤية النشاط المفضل قادمًا بعد ذلك. يجب أن تكون عبارة "أولًا / بعد ذلك" محمولة وتتحرك مع الفرد أثناء انتقاله / انتقالها.

First and Then - ABA Resources

- استخدام البطاقات الانتقالية (Use of Transition Cards):

تمثل البطاقة مرجعًا مرئيًا ووقتًا للاستعداد للتغيير بعد ذلك،.تزود البطاقات المعلمين بالأسئلة والطلبات المقترحة من أجل تسهيل اللغة وتعزيز التفاعل بين الطلاب، باستخدام كلمة مكتوبة أو صورة تساعد على فهم التعليمات والامتثال إليها أثناء للانتقال معروضة للطالب.

حيث يجد الأفراد الآخرون المصابون بالتوحد أن التسلسل المرئي للمعلومات الطويلة أكثر فعالية في التخفيف والحد من صعوبات التنقل، وقد يستفيد هؤلاء الأفراد من استخدام الجدول المرئي الموجود بحيث  يكون ثابت في نقطة مركزية في المنزل أو الفصل الدراسي أو بيئات أخرى. هنا يتعين على الأفراد فورًا الانتقال إلى الجدول الزمني للحصول على العنصر أو الصورة أو الرمز أو الكلمات التي تصف النشاط أو المكان التالي، هنا قد يحتاج الأفراد إلى إشارة لمعرفة متى وكيف ينتقلون إلى جداولهم للحصول على المعلومات، ويمكن أن تكون هذه الاشارة أو التلميح هو اسم الفرد أو صورة الفرد أو صورة شيء له مغزى للفرد أو أي رمز مرئي يختاره الفريق.

عندما يحين وقت وصول الفرد إلى جدوله المرئي، قدم له إشارة بصرية ولفظية تعني "الذهاب والتحقق من جدوله"، بحيث يتم تعليم الفرد حمل الإشارة المرئية إلى جدوله، ومطابقتها مع الجدول الثابت ثم الإشارة للنشاط التالي. يساعد استخدام الإشارات المرئية بانتظام الأفراد على التنبؤ بالروتين الانتقالي. قد تكون الإشارة المرئية أكثر بروزًا وذات مغزى للفرد من الإشارات اللفظية المتكررة وبمفردها. حيث يمكن للإشارات الملموسة أن تقلل من الارتباك وتساعد في تطوير إجراءات انتقالية منتجة.

استخدام البطاقات الانتقالية (Use of Transition Cards)

- الصندوق النهائي "Finished Box":

غالبًا ما يتم تخصيص مكان أو موقع عمل محدد للأفراد، يكون الصندوق موجودًا فيها؛ لوضع المواد قبل الانتقال إلى النشاط التالي، بحيث يضع الأفراد العناصر التي انتهوا منها عندما يحين وقت الانتقال، ويمكن استخدام هذا أثناء عمليات الانتقال عندما لا يكون لدى الفرد الوقت لإكمال نشاط معين، وفي كثير من الأحيان قد يفضل الأفراد المصابون باضطراب طيف التوحد بإكمال نشاط ما قبل الانتقال، وقد لا يكون ذلك ممكنًا بسبب ضيق الوقت (أي أن أحد أفراد الأسرة لديه موعد مع شخص ما، أو حان وقت الذهاب إلى جلسة علاجية، أو انتهى وقت المهمة).في هذه الحالة، يفيد إنشاء الصندوق النهائي في تعريف الفرد على أنه يمكنه العثور على المواد اللازمة واستكمالها في وقت أو تاريخ لاحق.

ويمكن تسميته بالكلمة أو رمز للإشارة إلى الغرض منه، أشارت الأبحاث إلى أن الصندوق النهائي، إلى جانب العديد من الاستراتيجيات المرئية الأخرى التي تمت مناقشتها، كان مفيدًا أثناء الانتقال من وقت العمل إلى وقت الفراغ لشاب مصاب بالتوحد (ديتمير وآخرون ، 2000)، عند انتهاء وقت العمل أو وقت الفراغ، تم توجيه الطالب لوضع العناصر الخاصة به في المربع النهائي قبل الانتقال. كما ساعد هذا في إنشاء روتين انتقالي واضح ويمكن التنبؤ به، مما قلل من وقت الانتقال وزيادة السلوك الإيجابي.

اعتبارات أخرى عند التخطيط للانتقال: 

إلى جانب تطوير إجراءات انتقالية متسقة ويمكن التنبؤ بها، قد يحتاج أعضاء الفريق إلى التفكير في:

- تعديل الأنشطة التي ينتقل الأفراد منها وإليها إذا استمرت صعوبة الانتقال، فقد تساهم عوامل مثل طول النشاط ومستوى الصعوبة ومستوى اهتمام الفرد في التأثير على إجراءات الانتقال.

- وضع قاعدة تقضي على سبيل المثال: بعدم السماح للأطفال بلعب ألعاب الفيديو حتى يكملوا واجباتهم المدرسية.

- الطلبات ذات الاحتمالية العالية (high-p): وذلك بتقديم سلسلة من المهام أو التعليمات حوالي 3 إلى 5 سهلة المتابعة ومتقنة وضمن الحصيلة السلوكية ومعتاد على القيام بها قبل الانتقال مباشرة.

- قد يحتاج تسلسل الأنشطة إلى إعادة النظر، وذلك من خلال مراجعة الأنشطة المطلوبة من الفرد على مدار اليوم وتصنيفها على أنها مفضلة أو غير مفضلة أو محايدة. إذا كان الفرد يواجه صعوبة في الانتقال بينها من الأفضل إجراء تسلسل استراتيجي لأنشطة معينة بحيث ينتقل الأفراد من الأنشطة غير المفضلة إلى الأنشطة المفضلة ومن الأنشطة المفضلة إلى الأنشطة المحايدة؛لأنه يخفف من بعض تحديات هذا الإجراء.

- الاختيار: حدد الخيارات بعنصرين أو نشاطين فقط بشكل واضح ومحدد من البداية قبل ظهور السلوك عند الانتقال وتجنبًا للتفاوض على الأنشطة، وكلامهما سينفذ، كما أن هذا الإجراء يُشعر الطفل أنه مسيطر على بيئته، مثلًا: تريد حل واجب الرياضيات أم قراءة الدرس أولًا.

- يقاوم بعض الأفراد الانتقال إلى بيئات أخرى إذا كانت المنطقة مزدحمة للغاية، أو صاخبة، أو مفرطة بالمعززات أو المنفرات لسبب ما، ويوصى بمراجعة العوامل البيئية وإعداد البيئة التعليمية من حيث التنظيم والترتيب وتحديد وقت معين للتعليم.

- قد تكون مجموعة متنوعة من استراتيجيات الانتقال مناسبة، ولكنها تختلف من طفل لآخر. 

- تقديم المساعدة والتعزيز بشكل مناسب مع تعليقات وصفية إيجابية محددة لهم.

- من المهم للفريق أن يقيم باستمرار كيف يؤثر الانتقال على الأفراد المصابين بالتوحد وممن لديهم إعاقات تطورية، اعتمادًاعلى النشاط والبيئة والاحتياجات المحددة ونقاط القوة للفرد.

تُظهر الأبحاث أن استخدام الأفراد المصابين بالتوحد لهذه الاستراتيجيات  تمكنهم من الانتقال بسهولة أكبر من نشاط أو مكان إلى آخر،وتزيد من استقلاليتهم،ويشاركون بنجاح  في الأنشطة المنزلية والمدرسية ومكان العمل.

:المصدر

 

(0) التعليقات

    لاتوجد تعليقات

اترك تعليقا

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك

اشترك الآن في النشرة البريدية لتصلك أحدث المستجدات العلمية وآخر التحديثات التدريبية